تلقيت عددا من رسائل العتاب تحت دعوي أنني أساند ثوار التحرير بالحق والباطل والحقيقة أنني لا أنفي هذا الاتهام فهو شرف لا أدعيه خاصة أنني أساندهم بالحق فهم حتي الآن أصحاب حق ولهم في رقابنا دين كبير ليتنا نستطيع يوما أن نوفيه خاصة الشهداء منهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه فقد تلقوا بكل الشجاعة الرصاص في صدورهم ولم يشاهدوا مواسم جني الثمار التي اندفعت نحوها مواكب النخبة تحاول أن تلحق بأي شيء في قطار الانتهازية.
عندي أسباب كثيرة بأن هناك دينا في رقابنا لثوار التحرير.. لقد تحملت أجيال الكبار جبروت عصابات الفساد سنوات طويلة.. وهناك مواكب أخري للانتهازية التي ساومت وتنازلت وباعت.. وهناك من شارك في انتخابات مزورة وقوانين مضروبة وإجراءات تتسم بالتعسف والطغيان.. هذه حقائق لا ينكرها أحد وحين قام شباب مصر واسقط الطاغوت فقد مسح عن وجه أجيال كثيرة تهم الجبن والمتاجرة.. ولهذا ينبغي أن نضع أجيال شبابنا الواعد في مكانها الصحيح فلا نشكك فيهم.
أن الأزمة الحقيقية في ميدان التحرير أن هناك أكثر من فصيل وأكثر من لغة وأكثر من جيل والواجب يحتم علينا أن نستوعب أحلام أجيالنا الجديدة..
وأنا لا أقف مع الباطل حين أدافع عن حق شبابنا العاطل في أن يجد عملا أو حق بناتنا العوانس في أن يجدن عريسا وحق الشعب كل الشعب في حياة كريمة تليق بهذا الوطن العظيم.. أن أزمة الأجيال الحقيقية في مصر أن هناك فئة حاولت توفير الأمن والرخاء لأبنائها ونسيت أبناء الآخرين وهم الشعب المصري كله.. أن ميدان التحرير يطالب بالعدالة في توزيع ثروة مصر.. وكلنا معه.. ويريد أن يعيش حرا رافضا أساليب البطش والاستبداد.. وكلنا معه.. ويريد حكاما يخافون الله في أوطانهم.. ونحن معه.. أن الخلاف الحقيقي أن دماء الشباب أكثر حيوية وحسما وقد اعتدنا لسنوات طويلة علي الإيقاع البطيء المترهل وهذه هي الأزمة الحقيقية.
بقلم فاروق جويدة
الأهرام 22 يناير 2012 م.