جميعكم يعلم أن أجازتي الأخيرة كانت لغرض إتمام الزواج, وقد تم بحمد الله, لكن كانت هناك محاور أخرى لرحلتي في بلدي الحبيب.
بداية جميع أهل أعضاء المنتدى الذين رأيتهم بخير ولله الحمد, وسأكتب أسماء من تقابلت معهم بالتفصيل, لكن في حينه.
البداية كانت من مطار سوهاج الدولي الذي كان المرسى بالنسبة لي في رحلة العودة إلى الشيخ حسين, ولما كان النسيم هناك يختلف عن نظيره هنا, فقد شعرت برحيق الجو المصري بمجرد هبوط الطائرة إلى أرضية المطار, وبعد الانتهاء من إجراءات التسجيل وخلافه, كان أهلي في انتظاري خارج المطار وقد أعدوا السيارة التي ستقلنا جميعا نحو الشيخ حسين, وبدخولنا الطريق الصحراوي بدت الجبال وكأنها حصون راسخة, ترتسم فوقها لوحة طبيعية بديعة, تزينها في صباح ذلك اليوم الباكر أشعة شمس ساطعة, السيارة تُقاد بأقصى سرعة, وبدلاً من تطلعي للطريق إلى الأمام شوقاً إلى بلدي الحبيب, جذبت هذه اللوحة البديعة نظري, وصرت أتطلع هنا وهناك, إلى أن مر الوقت سريعا ووجدتني على أعتاب القرية الحبيبة.
تندر الكلمات كثيراً إن انا حاولت أن أصف جمال مدخل بلدتنا البديعة, أشجار هنا وزرع هناك, رجل يسعى نحو أرضه طالبا للرزق, وطفل يلهو على الطرقات, وبين هذا وذاك سيارتنا تشق الطريق, وفي مقابلها سيارة أخرى متوجهة إلى مكان آخر خارج البلدة, بكل السبل هي لوحة طبيعية مرسومة لا ولن يعشقها إلا نحن المغتربون عنها, أما من هناك فلا يرون الأمر أكثر من مجرد, ملل يومي يرونه بشكل اعتيادي, فلا للشجر طعم ولا للزرع بريق, وحتما هم مخطؤون.
وصلت إلى بيت أهلي الأحبة, أحضان وعناق ودموع هنا وزغاريد هناك, مشهد درامي ستجدونه جميعا لدى عودتكم الأمنة بإذن الله.
مرت الأيام وأتم الله عليَّ نعمه كامله وانتهت أيام الزواج الأولى, ولما كنت قد اتخذت من ملوي مسكناً, فقد ظللت في شوق متواصل إلى بلدتنا الحبيبة, إلى أن استطعت أن أتجول ذات يوم مع أحد الأصدقاء, يالها من بلدة رائعة كنت أحسب السلبيات قد غلبت الايجابيات فيها ولكن كما نقول " الدنيا لسه بخير" بالفعل قريتنا لا تزال تملك من الايجابيات ما سيحفظها بإذن الله على الدوام, طيبة متناهية وتعاون لا مثيل له وحب ذاتي لا مقابل له, كل الشوارع والمنازل لا تزال كما هي إن لم تعلو قليلاً, أو قد اتسع نطاقها شرقا وغربا شملا وجنوبا, أما الناس فزاد عددهم شيئا ما وسيما الصغار, والشباب.
أهلكم جميعا بخير والحمد لله, وكما ذكرت سأحدد بعض الأسماء التي التقيت بها والتي لها علاقة بأصدقائي في المنتدى وهم, وأتمنى ألا أنسى أحداً:
الأستاذ محمود كامل :
البقاء لله وعزاء خالص في زوجة أخيك..ألهمكم الله الصبر والسلوان..ورزق فقيدتنا جميعا جنات الخلد..آمين
الرفيق علي الطويل:
الأهل بخير والحمد لله وكما تعلم فقد زرتهم أكثر من مرة, سواء بمفردي أو بصحبة زوجتي, الجاح حسن لا يزال أهم أعمدة البيت رسوخا, تسانده على الدوام : الأم أم علي" هم في رباط متين وسيبقون بعون الله على الدوام.
الأخ ناصر الرفاعي:
كان لأخيك أحمد مصطفى دور بارز في حفل زفافي ولا زلت أمتلك صورا له وهو يرقص فرحا في الحفل بشريط الفرح, كما التقيته أكثر من مرة هو وإبراهيم مصطفى حينما كانا عائدين أو ذاهبين من وإلى الغيط.
الأخ أسامة سمير:
طبعا انت عارف إني كنت بارك ليل ونهار مع الدكتور ابراهيم وطاهر, ومش محتاج أتكلم كتير عنهم, كمان شفت محمد ابن الدكتور كتير وبالأمارة اديتو 5 جنيه في مرة..خليها عندك دي...هههه
الأخ أحمد ماهر أبو آدم:
كنت أصلي الفجر مراراً وراء عمي الشيخ ماهر بارك الله له في حياته وأولاده, بصوته الذي يهمس رنينا جميلا في عز سكون الليل.
الأخ علي سمير:
رأيت والدك الشيخ سمير كثيرا وتبادلنا السلام والتحية, وهو ذاهب إلى المسجد البحري, حيث كان يمر من شارعنا, كما يزال عمك العم صفوت سراجا منيرا للشارع العمومي في قريتنا, إضافة إلى أني رايته أكثر من مرة في صلاة الفجر, سيما وأنه لا يزال ينادي الناس كل يوم داعيا إياهم بالاقبال على الصلاة مرددا فجر كل يوم بأن الصلاة خير من النوم.
التقيت أيضاً بأعضاء المنتدى أسامة محمد وأحمد بدر, وكان لي مواقف طريفة كثيرة مع أحمد بدر, فذات يوم كنت على القنطرة ووجدته هناك, وذهبنا سوياً إلى كشك علاء لنشرب شيئاً وبعد ان فتحنا التلاجة, وجدت قزازة جديدة لونها أخضر فقلت له مازحاً أن ذلك قد يكون عصير بطيخ, فتخيل أحمد اني أقصد ذلك بجد وأني لا اعرف نوع المشروب الجديد, وصار يعايرني كلما رآني.
أما العزيزان أشرف ومحمود عمر:
تعمدت أن أذكركم بأخر الموضوع لأن ما سأكتبه سيكون أجمل ختام لرحلتي بالبلد, الأخ راتب عامل شغل في البلد وتلاقيه ليل ونهار منور في الشارع, ومشكلته الوحيدة انه أهلاوي ويعيني ذالل الزمالكاوية اللي في البلد.
أما الأهم : فقد ذهبت إلى بيتكم في آخر يوم قبل مجيئي إلى الامارات, والتقيت أمي الثانية الخالة " أم شريف" وبدون سرد ما حدث بالتفصيل انتهى حواري معها وهممت بالذهاب مودعا إياها ففاجأتني بحضن أم جميل أجبرني على البكاء, حين سمعتها تقول وبعض من الدمع في عيونها:
" دنتا يا محمد غالي عندي زي محمود وكلكم ولادي وربنا يجيبكم بالسلامة ومتنساش والنبي يابني تسلم علي محمود وشريف قوي, مش محمود كويس ؟؟, وكمان سلم على محمد أبو لملوم-ابن اخيها- ..مش هو قاعد معاكم؟؟"..
مسحت دموعي وقلت لها إن جميعكم بخير, وسأبلغهم سلامك يا أمي....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أدام الله رباطنا ووفقنا إلى ما فيه رضاه وصالح بلدتنا..لكم مني التحية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته