هذه سلسلة جديدة باسم " يوميات "
لن أشرح كثيراً ولكن نتابع :
تقترب هذه النملة من بعيد في اتجاه حذائي, لا أعلم ما يدور في خلدها, وماذا تنوي؟ ولكني حتماً سأتابعها إلى النهاية, لن أؤذيها بأي السبل, حتى بعد أن بدأت تتسلق الحذاء.
"السلام عليكم, عامل إيه ياحمام" هنا جاء الدكتور إبراهيم مازحاً معي " إيه يا حج سرحان يعني؟ انت مش اتجوزت والأمور بقيت ألسطه معاك ؟؟ تتعالى الضحكات بيننا, هات شاي هنا للدكتور يا حج..نستمر في المزاح, نتناقش في أمور عدة, ينادينا شخص من بعيد " إيه يا رجالة عاملين إيه؟؟ تمام يا معلم انت إيه أخبارك ؟ والله كله تمام نحمده.
يعيد الدكتور سؤاله من جديد..سرحان في إيه ؟؟ لا مش سرحان بس حاسس إني نسيان حاجة؟ يضحك الطبيب هههه خلاص ما دام نسيانها متفكرش وتتعب نفسك لغاية متفتكرها لوحدك, يلا يا عم نلعب شوية بليي استيشن..ماشي يا دكتور تعالى أنا السوعك شوية..أووو الأتاري مقفول, خلاص خليها بعدين بقي نلعب بالليل.
قرية الشيخ حسين تصفو في ربوعها كل ساعات الزمان..الشارع ملئ بالناس, السيارات في الاتجاهين ذهاباً وإياباً, الصغار يملؤون الأجواء مرحاً, الكبار يرسمون الهيبة لملامح قريتنا, أما الشباب فهم حيوية الريف بكل معانيها.
الله أكبر الله أكبر..حان الآن آذان الظهر حسب التوقيت المحلي للشيخ حسين, انتهت فترة الصباح بكل بريقها, أتوجه نحو مسجد عباد الرحمن للصلاة, وعقب الصلاة ألتقي مزيداً من الأصدقاء, نسرد الحكايات وأرد التحية لمن يحييني.
بجانب المسجد تقف عربية البطيخ, ينادي صاحبها " أحمر وع السكين يا بطيخ" يزدحم المكان حولها من قبل أهالي القرية الذين فرغوا للتو من الصلاة, وبعد وقت ليس بالطويل يفرغ المكان من الناس ويبدأ السكون يغلف شوارع القرية, الجميع استكانوا في منازلهم, حتماً يتناولون الغداء الآن, ولماذا أبقي وحدي هنا؟, سأذهب مثلهم للقاء أحبتي وتناول الطعام سوياً.
في القيلولة يحلو النوم, إذاً سأستريح قليلاً حتى العصر.
شمس النهار بدأت تهدأ رويداً رويداً, هذه إشارة على أن وقت الظهيرة يولي الأدبار, سأخرج من بيتي من جديد, لأعانق بريق القرية, ما أجمل هذا السحر, لست وحدي من خرج من بيته, الجميع يعرفون وقت اللقاء, المقاهي والمحلات فتحتت أبوابها من جديد لإستقبال روادها, أما أنا فأعرف إلى أين أتجه, إنها القهوة, صاحبها صديقي قبل أن يكون عاملاً بها, يراني من بعيد فيبدأ في إعداد الشاي, ألقي عليه السلام فيرد علي بهذا الكوب الساخن ذو السكر الزيادة.
السلام عليكم..حمد الله ع السلامة يا ريس" إنه صديق جديد ولكني أراه لأول مرة منذ الأجازة, نتعانق بالأحضان, نتبادل عبارات المحبة والشوق, بعدها ندخل في طور المزاح, هنا يقاطعنا صوت المؤذن لصلاة العصر, نذهب سوياً إلى المسجد, عقب الصلاة ألتقي أناساً جدد, القنطرة في فترة ما بعد العصر تبدو وكأنها مزاراً سياحياً باهياً, لا مجال لدي إذاً لمغادرتها, حتماً سأجلس بعضاً من الوقت, الصورة تبدو أكثر بريقاً من ذي قبل, جمال القرية يتجلى كلما خفتت شمس النهار.
انتهيت من صلاة المغرب ثم العشاء, الليل ليس ساكناً كما كنت أتخيل, الحركة فيه أكثر كثيراً من وقت النهار, عدد الناس في ازدياد مطرد, جماعات الأصدقاء منتشرة هنا وهناك, الجميع يضحك, ليس هناك شخص حزين, رغم أن ظروف الحياة في قريتنا جديرة بأن ترسم البؤس على وجوه أهلها, لكن ما لهؤلاء الناس بظروف الحياة؟؟, إنهم لا يذكرون من الدنيا سوى تلك اللحظة الصافية والمزاح مع أصدقائهم ولا شئ غير ذلك يعكر صفو أجوائهم .
جلست وحيداً لبعض الوقت إلى أن جاء الدكتور إبراهيم من جديد..يابني مالك قرفتني؟ ...مالك بس يا طبيب قرفت ليه؟؟ .. في الصبح سرحان ودلوقت سرحان. ياك متغاظ لما الأجازة قربت تخلص يا تكس؟؟ هههه.
نعم نعم نعمممممممم الآن تذكرت ما كنت قد نسيته في الصباح.
إنها النملة التي كانت قد تسلقت حذائي..أين هي وإلى أين انتهى مسارها؟؟ وماذا فعلت؟؟
لا بأس هي حتماً ستعود من جديد في صباح اليوم التالي لتتسلق حذائي, وحينها سأتابعها .
تصبح على خير يا دكتور..السلام عليكم ورحمة الله
كان ذلك يوماً من يوميات " الشيخ حسين"
إلى اللقاء في يوم جديد
"محمد حافظ"